السمعة الاجتماعية للطبيب
تسويق عامهل يكفي أنك طبيب؟
تعتبر سمعة الطبيب إحدى أهم العوامل المؤثرة في اتّخاذ المريض لقرار زيارة هذا الطبيب للعلاج من عدمها، حيث كانت هذه السمعة في الماضي تنتقل بشكل بطيء من مريض إلى آخر شفهيًا و بمعزل عن قدرة الطبيب على التحكُّم بها سواءٌ أكان ذلك التحكُّم إيجابيًا أو سلبيًا، أمّا اليوم فقد اختلف الأمر وأصبحت هذه السمعة تنتشر كالنار في الهشيم وذلك بفضل شبكات التواصل الاجتماعي الواسعة الانتشار، إذ يكفي تعليقٌ سلبيٌ واحد في مجموعة ما على الفيسبوك لتحطيم جزء كبير من سمعة الطبيب وتجنُّب الناس التعامل معه.
تعليق سلبي وحيد على إحدى مجموعات الفيسبوك مثلًا هو سبب كافي لتحطيم جزء كبير من سمعة الطبيب وتجنُّب الناس له
الجانب الإيجابي في هذه القصّة هو أنّ شبكات التواصل الاجتماعي أيضًا تعطي فرصة للطبيب للسيطرة على هذه التعليقات وتوجيهها لصالحه بشرط تخصيص الوقت الكافي لها وإتقانه المهارات اللازمة لذلك، الجدير بالذّكر هو أنّ 62% من المرضى في أيامنا هذه يطّلعون على آراء المرضى من على الإنترنت (ومن ضمنها طبعًا شبكات التواصل الاجتماعي) كخطوة أولى قبل اتّخاذ قرار مراجعة طبيب معيّن.
لكن على العموم، إن أردت السيطرة على سمعتك داخل شبكات التواصل الاجتماعي، أنصحك بتخصيص ساعة يوميًا لهذا الأمر وباتّباع طريقة MRI
طريقة MRI
المراقبة Monitor
قد يبدو مستحيلًا أن تراقب كل كلمة تراها على شبكة الإنترنت، لكن وباستخدامك لبعض الحيل والأدوات البسيطة يمكنك تخطّي هذا الأمر بسهولة فعلى سبيل المثال: تستطيع استخدام خدمة جوجل للتنبيه Google Alerts لمراقبة الصفحات والمواقع التي تذكر اسمك وتظهر في محرك البحث لجوجل، فعند التسجيل في الخدمة (وهي مجانية طبعًا) ستقوم يوميًا بإرسال بريد إلكتروني يحتوي قائمة المواقع التي يظهر من خلالها اسمك أو أية كلمة أُخرى تختارها أنت للبحث.
يجب تكثيف حضورك الاجتماعي Social Presence وذلك لكسب محبة واحترام الأعضاء وأيضًا لمساعدتك على بناء خط الدفاع الأول عن سمعتك في حال قام أحدهم بكتابة مراجعة سلبية ضدك بوصفك طبيبًا
كما يمكنك مراقبة مجموعات الفيسبوك أو المنتديات التي يتواجد فيها شريحة المرضى المحتملين والتي عادةً ما تطرح مناقشات وأسئلة متعلقة بك بوصفك طبيب أو بأمور اجتماعية أخرى مرتبطة بالطّب، إذ يحتّم عليك المشاركة والرد على أسئلتهم واستفساراتهم وتقديم يد العون إليهم قدر المُستطاع، وذلك من أجل إبراز حضورك الاجتماعي Social Presence واكتساب محبة واحترام الأعضاء وأيضًا مساعدتك على بناء خط الدفاع الأول لسمعتك في حال قام أحدهم بكتابة مراجعة سلبية ضدك بوصفك طبيبًا.
الاستجابة Response
كما نوّهت سابقًا فإنّ المراقبة هي أوّل خطوة من أجل معرفة ما يدور من نقاشات حولك بوصفك طبيبًا، لكن لا بد من أن تميّز بين نوعين من النقاشات داخل شبكات التواصل الاجتماعي:
أولًا: النقاشات الإيجابية
فعلى سبيل المثال قد يسأل أحد المرضى في إحدى مجموعات الفيسبوك عن اسم أفضل طبيب في اختصاص معين أو في منطقة جغرافية معينة، فيقوم بعض الأعضاء باقتراح اسمك أو الإشارة إلى حسابك أو صفحتك على فيسبوك. لكن ومع الأسف فإنّ مُعظم الأطباء لا يتدخّلون في تلك الأنواع من النقاشات ولا يقومون حتى بشكر الشخص الذي قام بالإشارة إلى أسمائهم أو الرد على تعليقه، وتعتبر هذه نقطة سلبية بحقّ الطبيب، لذا أنصحُك بالمبادرة فورًا وذلك من خلال شُكر الشخص صاحب الاقتراح وأيضًا توجيه دعوة لطيفة لصاحب السؤال لزيارتك والتعُّهد إليه شخصيًا بتقديم أفضل ما يمكن من رعاية واهتمام، والهدف من ذلك ليس جذب هذا الشخص كمريض بقدر توجيه رسالة غير مباشرة لبقية الأعضاء بأنّك طبيب محترف، اجتماعي وتهتم بمرضاك إلى حدٍّ كبير.
معظم الأطباء لا يتدخّلون في النقاشات الإيجابية التي تدور من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ولا يقومون حتى بشكر الشخص الذي قام بالإشارة إلى أسمائِهم أو الرد على تعليقه، وتعتبر هذه نقطة سلبية بحق الطبيب
ثانيًا: النقاشات السلبية
في بعض الأحيان قد يكون لدى أحد مَرضاك السابقين تجربة سيئة بالعلاج معك، سواءٌ أكان السبب هو سوء تقدير منك لحالته المرضية أو عدم متابعة المريض نفسه للعلاج بحسب توصياتك، المهم في هذه الحالة هو التعامل بحكمة مع الرأي السَّلبي الذي نشرهُ هذا المريض على شبكات التواصل الاجتماعي بحقّك، طبعًا يعتبر من الأخطاء الكارثية الرد على المريض المستاء بعدوانية أو محاولة الدخول في جدال عقيم معه عن سبب المشكلة، وأفضل حل من الممكن اتخاذه مع حالاتٍ مُشابهة هو اتّباع طريقة “الساندويش Sandwich” في الردود:
-
- الاعتذار: تقديم اعتذار صادق وعاطفي إلى المريض تعبر فيه عن أسفِك حيال هذا الخطأ أو سوء الفَهم الذي حدث فيما بينك وبين المريض.
- تقديم حل مقترح: يفضّل أن يكون الحل عمليًا كأن تطلب من المريض مراجعة العيادة لمعرفة سبب عدم رضاه عن العلاج السابق.
- الاعتذار من جديد: تكرار الاعتذار مرة ثانية للمريض عمّا حدث.
وعلى سبيل المثال لا الحَصر:
لنفترض معًا أنّك وجدت في إحدى مجموعات الفيسبوك الكبيرة مريضًا سابقًا اسمه “خالد” وقد ترك تعليقًا سلبيًا عن عيادتك بسبب مكروهٍ أصابهُ جرّاء انتظاره الطويل فيها، بتطبيق الخطوات السابقة يجبُ أن يكون ردك هو كالآتي:
“أستاذ خالد يؤسفني سماع ما أصابكَ أثناء زيارتك لعيادتي الشّهر الماضي، أنا متعاطفٌ معك للغاية وأُقدّرُ وجهة نظرك هذه حيال القضيّة، لذا اسمح لي بدعوتك رسميًا لزيارة عيادتي مرةً ثانية كي يتسنّى لي تقديم الاعتذار لك شخصيًا وإصلاح الخلاف بأسرع وقت ممكن. أُكرر أسفي لك من جديد وأتمنى أن تقبل اعتذاري بكل رحابة صدر”. أو استخدام النموذج التالي باللغة الإنجليزية إذا كان المريض أجنبيًا:
Dear patient, we are very disappointed to learn about your negative experience at your practice. This is certainly not indicative of the care we strive to provide patients on a daily basis. Please contact our Practice Manager at 111-111-1111 at your earliest convenience so we can learn more about your experience and use it as an opportunity to improve
التحسين Improve
لا بد لك بوصفك طبيبًا أن تأخذ الأمور على محمل الجد في حال تكررت الآراء السلبية حيال نقاط معينة مثل الأداء أو تأخر المواعيد أو ارتفاع تكاليف العلاج، ويجب أن تبدأ بخطواتٍ عملية لإصلاح مكامن الخطأ لديك وبأسرع وقت ممكن، وعليه أنصحُك بالعمل من خلال الاستراتيجيين الآتيتين:
- الاستراتيجية الأولى
دفن التعليقات السلبية ضمن بحر من التعليقات والآراء الإيجابية، وأفضل طريقة لفعل ذلك هي بأن تطلب من كل مريض ينتهي من العلاج لديك أن يعبر عن رأيه بإيجابية عبر صفحات التواصل الاجتماعي. طبعاً دون أن يسبب للمريض أي حرج حيال حساسية بعض أنواع العلاجات أو الأمراض. - الاستراتيجية الثانية
حذف قدر الإمكان من الآراء والتعليقات السلبية عن طريق التواصل مع صاحب الشكوى أو التعليق برسالة على الخاص أو بأتصال هاتفي تطلب منه حذف التعليق السلبي طبعاً بعد الأعتذار المسبق منه على العام كما ذكرنا في الفقرة السابقة. وهنا لا بد أن أنصح نصيحة هامة وهي عدم تقديم أي خصم أو هدية مجانية لصاحب الشكوى لأن في ذلك تشجيع لبعض أنواع المرضى على ابتزاز الطبيب أو المركز ومحاولة كتابة شكوى أو تعليقات سلبية ضدهما على وسائل التواصل الاجتماعي طمعاً بالخصومات والتعويضات.
ماذا لو كانت التعليقات هجومية وسلبية جدًا؟
مع الأسف، يبالغُ بعض المرضى في طرحِ شكاويهم عند كتابة رأيهم على وسائل التواصل الاجتماعي، التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الطّعن بسمعة الطبيب، لذا فمن المهم جدًا بالنسبة إليك سواءٌ أكُنت طبيبًا أم مديرًا لقسم التسويق في المركز الطبي ألّا تأخذ الإساءة على نحوٍ شخصي وأن تتمهل قدر الإمكان قبل البدء بكتابة رد مباشر إلى المريض الغاضب، ومهما كان مستوى انحدار التعليق السلبي الذي تلقّيته، لا تغيِّر من نبرة استجابتك على وسائل التواصل الاجتماعي وأبقِها هادئة ولطيفة والأهم من كل ذلك اجعلها احترافية.
الخبر المُفرِح في كل هذا هو أنّ 65% من الناس لا تصدّق المراجعات السلبية للغاية أو التعليقات الهجومية بل على العكس، فالناس يدركون أنّها غير منطقية Unreasonable أو مبالغ فيها Exaggerated ولكن هذا لا يعني أن تتجاهلها، بل أن تتصدى لها ولكن كما نوّهتُ سابقًا بنبرة هادئة ولطيفة واحترافية.
أخيراً وجب التنبيه إلى أنّ التعليقات السلبية بشكل عام قد لا تتعدى الـ 12% من مجمل التعليقات والمراجعات الموجودة على الإنترنت بينما تشكل الإيجابية حوالي 76% منها.